في سياق الأمن البحري والتحقيقات المرتبطة بالسفن، أصبحت المعلومات مفتوحة المصدر أداة لا غنى عنها. فهي تتيح لوكالات إنفاذ القانون، والصحفيين، والمراقبين البيئيين، والباحثين تتبع تحركات السفن، والتحقق من أنشطتها، وكشف السلوك غير المشروع، وفرض القوانين البحرية دون الاعتماد فقط على البيانات السرية أو المملوكة.
تعتبر وسائل المراقبة التقليدية مثل الأقمار الصناعية، والدوريات البحرية، وأنظمة الرادار باهظة التكاليف وتتطلب موارد كبيرة. تسد المعلومات المفتوحة هذه الفجوة من خلال تقديم بدائل منخفضة التكلفة وسهلة الوصول تساعد في تتبع مواقع وتحركات السفن، وتحديد السلوك المشبوه (مثل التلاعب بنظام AIS، أو التوقف المتكرر، أو الأنشطة المظلمة)، والتحقق من الالتزام بالعقوبات والقوانين البحرية، والتحقيق في الجرائم البيئية (مثل الصيد غير القانوني أو تصريف النفط)، ودعم الدعاوى القانونية والتقارير الصحفية بأدلة موثقة.
أدوات وتقنيات OSINT الأساسية لتتبع السفن
نظام التعريف التلقائي (AIS) هو بروتوكول أمان بحري يبث هوية السفينة، وموقعها، وسرعتها، واتجاهها. تجمع منصات OSINT مثل MarineTraffic، وVesselFinder، وFleetMon بيانات AIS من الأقمار الصناعية والمحطات الساحلية، وتساعد بيانات AIS التاريخية في تتبع نشاط السفينة بمرور الوقت.

وتأتي أرقام IMO وMMSI لكل سفينة كرقم فريد صادر عن المنظمة البحرية الدولية (IMO) ورقم هوية خدمة بحرية متنقلة (MMSI) كمعلومة رئيسية في التحقيقات مفتوحة المصدر المتعلقة بالسفن، حيث تُستخدم لتتبع الملكية، وتغيرات الأعلام، وسجلات السفن.
كما توفر منصات مثل Equasis، وIHS Markit، وسجلات دول الأعلام الرسمية؛ بيانات عن الملكية، والإدارة، والمواصفات الفنية، ويمكن الحصول على بيانات زيارات الموانئ من خلال مواقع هيئات الموانئ، أو Lloyd’s List، أو نشرات الشحن.
فيما يعتمد الباحثين على أدوات مثل Sentinel Hub، وGoogle Earth، وPlanet Labs للحصول على صورًا بصرية ورادارية، التي تستخدم تقنية صور الرادار ذات الفتحة التركيبية (SAR) للكشف عن السفن “المظلمة” التي تعمل بدون نظام AIS.
من المهم أيضًا متابعة الصور والتقارير التي ينشرها أفراد الطواقم والمراقبون البحريون على منصات مثل فيسبوك، وإنستجرام، ويوتيوب، وReddit. يمكن استخدام هذه المنشورات للتحقق من وجود السفينة أو سلوكها في مواقع محددة.
ويمكن أيضًا أن تكشف سجلات المحاكم، والإفصاحات المالية، وبيانات التجارة (مثل ImportGenius أو Panjiva) عن هياكل الملكية وأنماط الشحن. كما توفر منظمات غير حكومية مثل Global Fishing Watch وSkyTruth وAllSource Analysis تقارير وأدوات مفتوحة المصدر لمراقبة السفن.

منهجية OSINT في تحقيقات السفن
الخطوة 1: تحديد نطاق التحقيق: ابدأ بتحديد ما الذي تقوم بالتحقيق بشأنه. هل يتعلق التحقيق بسفينة معينة، أو بشركة، أو بنشاط ما؟ هل تبحث عن أدلة على جرائم حرب، أو التهرب من العقوبات، أو الصيد غير القانوني، أو الانتهاكات البيئية؟
الخطوة 2: جمع المعلومات الأساسية عن السفينة: استخدم بيانات AIS وقواعد بيانات تسجيل السفن لجمع البيانات الرئيسية مثل اسم السفينة، وأرقام IMO وMMSI، دولة العلم، النوع والأبعاد، وتفاصيل المالك والمشغل. تُعد هذه البيانات الأساسية ضرورية للتتبع والتحليل الدقيق.
الخطوة 3: تحليل الحركة والسلوك: باستخدام منصات مثل MarineTraffic أو Global Fishing Watch يمكن مراجعة الرحلات السابقة، والبحث عن التوقفات المطولة، أو اللقاءات في البحر، أو الانحرافات عن المسارات المعتادة، بجانب إمكانية تحديد الأنماط التي تشير إلى عمليات نقل غير قانونية أو تجنب المناطق الخاضعة للمراقبة.
الخطوة 4: تحديد الشذوذ والفجوات: حيث أن من أبرز المؤشرات التحذيرية، انقطاع بيانات AIS (مما يشير إلى إيقافه)، الخداع عبر بث مواقع وهمية، التغيير المتكرر لدولة العلم أو استخدام أعلام تسهيلات، والاقتراب من محميات بحرية أو مناطق نزاع.
الخطوة 5: التحقق من مصادر إضافية: مثل صور الأقمار الصناعية لتغطية فجوات AIS، وسجلات الموانئ وبيانات الشحن، والأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، أو شهادات شهود العيان. يساعد هذا في التحقق من وقائع مثل زيارات الموانئ، أو عمليات النقل بين السفن، أو الصيد غير المصرح به.
الخطوة 6: التوثيق وإعداد التقارير: احتفظ بسجلات مفصلة، وصدّر تصورات بيانية، واذكر جميع المصادر. من الأدوات المفيدة في هذا Maltego لتحليل الروابط، و Hunchly لتوثيق المواقع، و QGIS لرسم الخرائط الجغرافية.
لقد أحدث استخدام OSINT ثورة في تحقيقات الشحن البحري من خلال تمكين تتبع السفن وتحليل سلوكها في الوقت الحقيقي وبتكلفة منخفضة. وبينما لا تزال هناك تحديات تتعلق بموثوقية البيانات والوصول إليها، فإن الجمع بين بيانات AIS، وصور الأقمار الصناعية، والسجلات العامة، والمعلومات التشاركية يوفر قدرات قوية لكشف الأنشطة البحرية غير القانونية أو المشبوهة.