السيسي والمليشيات المسلحة

منذ تولي عبد الفتاح السيسي السلطة في 3 يوليو 2013 بعد الانقلاب العسكري، ظهرت بشكل متكرر تصريحات وإجراءات تشير إلى استعداده لاستغلال قوى غير رسمية لدعم نظامه وضمان بقائه في الحكم. هذه التصريحات لم تكن عابرة، بل تكررت على مدار السنوات، وأثارت تساؤلات حول استراتيجية النظام المصري في تعزيز قبضته الأمنية والسياسية، بغض النظر عن تأثير ذلك على الشعب.

التصريح الأخير، الذي أدلى به السيسي أثناء تفقده أكاديمية الشرطة يوم 21 ديسمبر 2024، جاء ليؤكد هذا النهج. قال السيسي:
“لا يجب أن نعتمد فقط على الجيش والشرطة، فالشر لن ينتهي”. هذا التصريح أثار جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث رأى فيه البعض إشارة إلى إمكانية الاعتماد على بدائل أمنية غير رسمية للحفاظ على النظام.

تصريحات السيسي المتكررة: توجه نحو البدائل الأمنية

لم يكن تصريح السيسي الأخير فريدًا من نوعه. فقد سبق أن ألمح في مناسبات عدة إلى إمكانية استغلال قوى غير رسمية لتحقيق الاستقرار السياسي أو الأمني، حتى لو كان ذلك على حساب الشعب أو سيادة القانون.

في أكتوبر 2023، وأثناء مؤتمر في العاصمة الإدارية الجديدة، أدلى السيسي بتصريح مثير للجدل حين قال:
أنا ممكن أهد مصر بـ2 مليار جنيهأدي باكتة (مخدر البانجو) و20 جنيه وشريط ترامادول لـ100 ألف إنسان ظروفه صعبة، أنزله يعمل حالة.
هذا التصريح أثار صدمة، حيث فُسر على أنه تلميح لاستغلال الفقر واليأس بين المواطنين لتحريكهم بشكل مدروس لخلق اضطرابات إذا دعت الحاجة لذلك. ويعكس هذا التصريح سياسة واضحة لاستخدام أي وسيلة، بغض النظر عن مشروعيتها، لتحقيق السيطرة.

البدائل الأمنية في الممارسة العملية

لم تتوقف تصريحات السيسي عند الكلام فقط، بل تجسدت في سياسات على الأرض، حيث استعان النظام بعدة قوى غير رسمية لتعزيز قبضته الأمنية:

1. شركة فالكونالأمنية:

منذ انقلاب 2013، استعان النظام المصري بشركة الأمن الخاصة فالكون للقيام بمهام أمنية تتجاوز دور الجيش والشرطة. استخدمت الشركة بشكل واسع في:

  • قمع التظاهرات: شاركت “فالكون” في مواجهة الاحتجاجات المناهضة للسلطة بعد الانقلاب.
  • تأمين الحملات الانتخابية: لعبت دورًا رئيسيًا في حماية حملات السيسي الانتخابية وتأمين مراكز الاقتراع.
  • الدعم الشخصي للسيسي: كان المثير في الأمر هو استيلاء صبري نخنوخ، البلطجي المشهور، على حصة شركة فالكون في السوق الأمني في عام 2023، ثم تصريحه في سبتمبر 2023، عن استخدام “فالكون” لدعم السيسي علنًا في حملاته في الانتخابات الماضية.

أثناء تولي فالكون قمع الحركة الطلابية في مصر

تولت الشركة مهمة تأمين مقار حملات الرئيس السيسي بمختلف المحافظات، بالإضافة إلى نقل التوكيلات إلى اللجنة العليا للانتخابات الرئاسة بمصر الجديدة 2014

نشر رجل الأعمال صبري نخنوخ عبر صفحته على موقع فيسبوك، صورًا وهو يترأس اجتماعا داخل مجموعة شركات فالكون للأمن والحراسة، وخدمات الأموال، وأخرى لشعار المجموعة، وأخرى ووراءه علمها

2. اللجوء إلى الميليشيات المسلحة في سيناء:

في سيناء، استعان النظام عبدالفتاح السيسي بـ أفراد مسلحين من قبائل المنطقة، الذين أصبحوا بعد ذلك جزءًا من مجموعات منظمة تحت مسمى “أبناء سيناء”. هذه المجموعات، التي يترأسها إبراهيم العرجاني، رجل الأعمال المحسوب على النظام، أصبحت تمثل إحدى البدائل الأمنية التي يعتمد عليها النظام في محاربة الجماعات المسلحة. إلا أن هذه القوى غير الرسمية تثير العديد من المخاوف حول عسكرة المجتمع المحلي في سيناء، وتحولها إلى ميليشيات تابعة للنظام، يمكن استخدامها لفرض الأمن بالقوة، حتى ولو كان ذلك على حساب الحقوق المدنية. وهو ما أكده تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2019، فإن التعاون مع الميليشيات القبلية واستخدامها كقوة ميدانية أدى إلى:

  • تهجير آلاف السكان من منازلهم وقراهم.
  • تدمير البنية التحتية المحلية بدعوى مكافحة الإرهاب.
  • تعريض السكان المدنيين لانتهاكات جسيمة، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي واستخدام العنف المفرط

الصورة تُظهر مجموعة شبه عسكرية موالية للنظام المصري، ترتدي زيًا مموهًا وتحمل أسلحة متنوعة، مع رفع صورة عبد الفتاح السيسي وشعار “اتحاد قبائل سيناء”، هناك لافتة في الخلفية مكتوب عليها رئيسنا يدعم تاريخنا، ما يُبرز الرسالة التي تريد المجموعة إيصالها، وهي تأييدها للرئيس السيسي وربط وجودها بدعمه.

تعود الصورة لشخصي “صبري نخنوخ” البلطجي والمحكوم عليه سابقا، ورجال الأعمال ورئيس مجموعة أبناء سيناء إبراهيم العرجاني

المصادر: