تخدم مبيعات الأسلحة التي تقدر بمليارات الدولارات إلى مصر في عام 2025، والتي تتصدرها منظومة الدفاع الجوي “NASAMS” بقيمة 4.67 مليار دولار، غرضًا مزدوجًا للولايات المتحدة ومصر. علنًا، تهدف المبيعات إلى تعزيز قدرة مصر على مواجهة التهديدات الجوية الإقليمية المتطورة مثل الطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، وبالتالي دعم أمن حليف رئيسي من خارج حلف الناتو. ومع ذلك، تحت السطح، تعد الصفقة مناورة استراتيجية كبرى من قبل الولايات المتحدة لتعزيز نفوذها ومواجهة العلاقات العسكرية التقنية المتنامية التي كانت مصر تنميها مع منافسي أمريكا، لا سيما الصين وروسيا.
بالنسبة لمصر، يُظهر هذا الإنفاق الضخم، الذي يحدث وسط ضغوط اقتصادية كبيرة وإشراف من صندوق النقد الدولي، إعطاء الأولوية للأمن القومي واستقرار النظام على الإغاثة الاقتصادية الفورية. كما أنها تُستخدم كأداة دبلوماسية للقاهرة لتهدئة مخاوف الولايات المتحدة بشأن تنويع سياستها الخارجية. وبينما تؤكد الولايات المتحدة أن الصفقة لن تعطل التوازن العسكري الإقليمي، إلا أنها تعزز استراتيجيًا الموقف الدفاعي لمصر دون تحدي التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، وهو حجر الزاوية في السياسة الإقليمية الأمريكية. وهو ما يطرح مجموعة من التساؤلات حول هذه الصفقة.
1. ما هي التهديدات الإقليمية التي تعالجها منظومة NASAMS؟
منظومة NASAMS هي نظام متوسط إلى بعيد المدى بارع في تحييد التهديدات مثل الطائرات والمروحيات وصواريخ كروز والأنظمة الجوية بدون طيار (الدرونز). يوفر إدراج صواريخ متقدمة مثل AMRAAM-ER و AIM-9X Sidewinder Block II دفاعًا متعدد الطبقات ضد الأهداف السريعة والقادرة على المناورة والشبحية.
تعالج هذه المقتنيات فجوات في شبكة الدفاع الجوي الحالية لمصر، والتي هي مزيج من الأنظمة السوفيتية والصينية والروسية والمحلية الصنع. الهدف المعلن هو تحسين قدرة مصر على الدفاع عن نفسها ضد “الجهات الفاعلة الخبيثة الإقليمية” وتعزيز التشغيل البيني مع القوات الأمريكية، وبالتالي المساهمة في الاستقرار الإقليمي.
2. بعيدًا عن الأهداف المعلنة، ما هي الفوائد الاستراتيجية الضمنية للولايات المتحدة في الموافقة على هذه الصفقة الآن، خاصة فيما يتعلق بعلاقات مصر العسكرية مع روسيا والصين؟
تعتبر الفوائد الاستراتيجية للولايات المتحدة كبيرة وترتبط مباشرة بمواجهة نفوذ منافسيها العالميين. يُنظر إلى الصفقة على أنها خطوة لتعزيز العلاقات مع حليف حاسم من خارج الناتو في وقت كانت فيه القاهرة تنوع بنشاط مورديها العسكريين. بين عامي 2016 و 2021، ورد أن روسيا تفوقت على الولايات المتحدة كأكبر مُصدر للأسلحة إلى مصر. وفي الآونة الأخيرة، أثارت علاقات مصر العسكرية المتنامية مع الصين، والتي أبرزتها مناورة جوية مشتركة وحيازة منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9B، مخاوف في واشنطن.
من خلال الموافقة على بيع منظومة NASAMS عالية القدرة – وهو نظام سعت إليه مصر لسنوات – تهدف الولايات المتحدة إلى الحفاظ على نفوذها، وتعزيز التشغيل البيني مع أنظمتها الخاصة، وتثبيط الاعتماد المصري الأعمق على التكنولوجيا العسكرية الروسية والصينية. تساعد هذه الصفقة في ترسيخ دور الولايات المتحدة كشريك أمني أساسي لمصر.
3. ما هي التداعيات المحتملة لهذه الصفقة على توازن القوى الإقليمي، وتحديدًا فيما يتعلق بإسرائيل ودول الخليج الأخرى؟
صرحت الولايات المتحدة مرارًا وتكرارًا أن مبيعات الأسلحة إلى مصر لن تغير التوازن العسكري الأساسي في المنطقة. هذا مكون حاسم في سياسة الولايات المتحدة، الملتزمة قانونيًا واستراتيجيًا بالحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل (QME).
بالنسبة لدول الخليج، تعزز الصفقة التزام الولايات المتحدة بأمن شركائها الإقليميين. مع قيام العديد من دول الخليج أيضًا بدمج تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية في أطرها الأمنية لمواجهة التهديدات المشتركة، حيث تدعم الصفقة معاهدة السلام طويلة الأمد بين مصر وإسرائيل، والتي تعد حجر الزاوية في الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة.
الجغرافيا السياسية لبيع المنظومة الأمريكية
قامت ‘تقصي’ بتحليل قائمة المشترين الجدد لمنظومة NASAMS مؤخرًا، ما وفر سياقًا كشف عن أبعاد هامة لصفقة الأسلحة مع مصر، إذ نقل سياق الصفقة من تفاصيل المعدات إلى الجغرافيا السياسية للبيع.
تبرز قائمة المشترين بوضوح الدور الأساسي للمنظومة في السياسة الخارجية الأمريكية: تسليح الحلفاء والشركاء ضد التهديدات التي تشكلها روسيا والصين، حيث تستخدم أوكرانيا منظومة NASAMS مباشرة ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار الروسية، مما يجعلها نظامًا مجربًا في المعارك ضد التكنولوجيا الروسية. بينما تقتنيها تايوان تحديدًا لردع صراع محتمل مع الصين.
يدعم هذا النمط بقوة التحليل السابق بأن دافع الولايات المتحدة لصفقة مصر ليس مجرد “تهديدات إقليمية” عامة، بل هو خطوة استراتيجية لربط مصر بشكل أوثق بالمدار الأمني الغربي ومواجهة نفوذ روسيا والصين اللتين اشترت منهما مصر أسلحة سابقًا. من خلال توفير هذه المنظومة المحددة، تقوم الولايات المتحدة بتجهيز شريك رئيسي بأداة أثبتت فعاليتها صراحةً ضد منافسيها العالميين الأساسيين.
مصر لا تشتري نظامًا شائعًا أو من الدرجة الثانية؛ بل تقتني واحدة من أكثر منظومات الدفاع الجوي طلبًا وحداثة في الترسانة الغربية، فالمشترون هم أعضاء في حلف الناتو بشكل حصري تقريبًا (هولندا، النرويج، ليتوانيا، المجر) أو شركاء استراتيجيون رئيسيون يواجهون تهديدات وشيكة، مما يشير إلى أن NASAMS هي المعيار الحالي لتحديث الدفاعات الجوية.
رصدنا أيضًا أن هناك تراكم في طلبات الإنتاج، والذي يسبب تأخيرًا في التسليم لتايوان حتى أواخر عام 2025، يؤكد هذا الطلب المرتفع إلى أن تأمين صفقة بقيمة 4.7 مليار دولار – لمثل هذه المنظومة ذات الطلب المرتفع – لمصر إلى أن الولايات المتحدة تولي أولوية استراتيجية كبيرة لهذه الصفقة.
الأحداث التي سبقت الصفقة
من أواخر عام 2023 وحتى عامي 2024 و 2025، شن الحوثيين حملة لا هوادة فيها من هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ ضد سفن الشحن الموجهة لإسرائيل في البحر الأحمر. أدت هذه الهجمات، التي شُنت تضامنًا مع غزة إلى تعطيل التجارة العالمية، لإظهار ضعف هذا الممر البحري الحاسم، الذي يؤدي مباشرة إلى قناة السويس.
ما جعل حملة الحوثيين تقدم دليلًا على كيفية تمكن جهات فاعلة غير حكومية باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ رخيصة نسبيًا من تهديد مصالح مصر الاقتصادية والأمنية الأساسية. وبالتالي، فإن حيازة نظام دفاع جوي متقدم مثل NASAMS هو استجابة مباشرة لحماية مداخل قناة السويس وساحل مصر على البحر الأحمر من نفس أنواع التهديدات التي ثبت أنها نشطة وفعالة.
أما مؤخرًا وبالعودة إلى الشأن الصيني المصري، شهدت الأشهر التي سبقت الصفقة الأمريكية تصعيدًا غير مسبوق في التعاون العسكري المصري مع الصين. ففي مايو 2025، اختتمت مصر والصين أول مناورة جوية مشتركة لهما على الإطلاق، أطلق عليها اسم “نسور الحضارة 2025″، والتي تضمنت تحليق طائرات مقاتلة صينية متقدمة من طراز J-10C في السماء المصرية.
في نفس الوقت، ظهرت تقارير تفيد بأن مصر قد نشرت منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9B، وهي منافس مباشر للأنظمة الغربية مثل NASAMS. كان هذا تتويجًا لـ “عقد ذهبي” من العلاقات الصينية المصرية، والذي شهد أيضًا انضمام مصر إلى تكتل “بريكس” بدعم قوي من بكين وموسكو.

استراتيجية احتواء الصين من داخل الجيش المصري
من خلال بيع NASAMS، وهو نظام شبكي مزود برادارات Sentinel المتقدمة المصممة للتكامل، فإنها توفر “العقل” التكنولوجي لطبقة الدفاع الجوي الأكثر أهمية في مصر. تم تصميم NASAMS لتكون العقدة المركزية، حيث تدمج مختلف أجهزة الاستشعار ومنصات الإطلاق.
من خلال توفير هذا النظام الأساسي، تضمن الولايات المتحدة أن القيادة والسيطرة ودمج البيانات لأهم دفاعات مصر الجوية تظل مرتبطة بالهندسة المعمارية الأمريكية. هذا يُنزل فعليًا منظومة HQ-9B الصينية إلى دور مستقل أو ثانوي، مما يمنعها من أن تصبح الجهاز العصبي المركزي لشبكة الدفاع المصرية، وبالتالي تبين عبر تحليل هذه البيانات أن هدف الولايات المتحدة هو الحد من انتشار وتأثير التكنولوجيا الصينية داخل الجيش المصري نفسه، وخلق نظام بيئي رقمي تسيطر عليه الولايات المتحدة يعمل النظام الصيني بجواره، ولكن ليس مسؤولاً عنه.
غير ذلك، يتطلب نظام متقدم ومتكامل مثل NASAMS تحديثات برمجية مستمرة، وتدريبًا متخصصًا، ودعمًا لوجستيًا من الشركة المصنعة والحكومة الأمريكية. فعلى عكس شراء دبابة “جاهزة”، فإن تشغيل NASAMS بفعالية يخلق تبعية عميقة ودائمة للولايات المتحدة على مدى العقدين أو الثلاثة عقود القادمة، حيث تعتمد فعالية المنظومة على تدفق مستمر من الدعم الأمريكي.
وبالتالي، إذا انحرفت مصر بعيدًا جدًا نحو خصم للولايات المتحدة مستقبلًا، فسيكون لدى واشنطن نفوذ هائل من خلال سيطرتها على البرامج وقطع الغيار والدعم الفني الذي يحافظ على عمل درع الدفاع الجوي الرئيسي لمصر، ما يعكس بشكل أساسي توجه مصر الأخير نحو ربط قدرتها الدفاعية الأكثر أهمية بعلاقة تبعية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة.
إن دمج منظومة HQ-9B الصينية في شبكة الدفاع الجوي المصرية إلى جانب منظومة NASAMS الأمريكية لا يمثل شراكة بين أنداد. بناءً على العقيدة العسكرية الراسخة وفلسفات التصميم المتأصلة في النظامين، فإن الطريقة الفعالة الوحيدة لإنشاء شبكة موحدة هي إخضاع منظومة HQ-9B، وتنزيلها إلى دور “مستشعر-قاذف” يتم توجيهه بواسطة العقل القيادي والسيطرة لمنظومة NASAMS.
لا يتم تحقيق ذلك عن طريق “اختراق” النظام الصيني، بل عن طريق إنشاء هيكل قيادة هرمي حيث تغذي منظومة HQ-9B بياناتها صعودًا إلى مركز توزيع النيران (FDC) التابع لـ NASAMS وتتلقى أوامر الاشتباك نزولًا. تضمن هذه البنية أن المنطق الأساسي للشبكة وعقيدتها التشغيلية تظل متوافقة مع الولايات المتحدة.

التسلسل الهرمي لـ “مركز توزيع النيران”
يعتمد الدفاع الجوي الحديث على إنشاء “نظام أنظمة”، شبكة متكاملة حيث تعمل أصول مختلفة بتناغم. هذا ضروري لمنع “النيران الصديقة”، وإدارة أولويات الاشتباك، وتقديم صورة موحدة للمجال الجوي للقادة. تتطلب هذه الشبكة تسلسلًا هرميًا صارمًا مع مركز عصبي واحد، ما يسمى بـ “محور C4I” (القيادة والسيطرة والاتصالات والحاسوب والاستخبارات)، لفض تعارض البيانات وتخصيص الأسلحة بكفاءة.
بالنظر إلى دور الولايات المتحدة كشريك استراتيجي أساسي لمصر وقدرات الشبكات المتقدمة لـ NASAMS، فإن النظام الأمريكي هو الخيار الوحيد لهذا الدور المركزي في C4I، حيث يكمن دور NASAMS الأكثر تأثيرًا في مركز توزيع النيران (FDC) الخاص به. إنه أكثر من مجرد وحدة تحكم بالرادار؛ إنه مركز متطور لإدارة المعركة.
فبألقاء نظرة على التفاصيل الفنية للمنظومة، يتبين أن تصميم NASAMS جاء ببنية مفتوحة لدمج مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار والمؤثرات (قاذفات الصواريخ). هذه هي ميزته الأساسية في بيئة ذات أصول مختلطة، حيث تم بناء FDC حول روابط بيانات بمعايير الناتو، يعمل كرابط بيانات تكتيكي آمن ومقاوم للتشويش يسمح بالمشاركة في الوقت الفعلي لـ “صورة جوية متكاملة واحدة” (SIAP) بين مختلف الأصول الجوية والبرية والبحرية الحليفة.
كما تم تصميم برنامج FDC لدمج البيانات من رادارات متعددة ومتباينة في ملف تتبع واحد ومتماسك والتوصية بالسلاح الأكثر فعالية للاشتباك مع كل تهديد، وهي عملية تُعرف باسم “دمج المستشعرات”.
أما منظومة HQ-9B فبنيتها المغلقة وتصميمها غير المتوافق مع معايير الناتو يعنيان أنها لا يمكن أن تكون المحور المركزي في نظام مختلط أمريكي-صيني. مع ذلك، يوفر رادار AESA القوي من طراز Type 305A التابع لـ HQ-9B مراقبة بعيدة المدى (مئات الكيلومترات) يمكن أن توسع بشكل كبير رؤية الشبكة بأكملها، كما أن صواريخها توفر قدرة اعتراض بعيدة المدى على ارتفاعات عالية تكمل النطاق المتوسط لصواريخ NASAMS.
في الشبكة المتكاملة، سيتم التعامل مع HQ-9B كـ “بطارية” تابعة. مهمتها هي استخدام “أعين” رادارها القوية و “أذرع” صواريخها الطويلة عندما يتم توجيهها للقيام بذلك من قبل القيادة المركزية – مركز توزيع النيران (FDC) التابع لـ NASAMS.
الربط بين المنظومات وطريقة التنفيذ
وإجرائي بين نظامين لم يتم تصميمهما أبدًا للتحدث مع بعضهما البعض.
الخطوة الأولى: بوابة ربط البيانات
لا تستخدم منظومة HQ-9B “رابط Link 16″، بل تستخدم روابط بيانات صينية خاصة بها. لذلك، لا يمكن لمصر ببساطة توصيل النظامين مباشرة. يجب عليها تطوير أو شراء “بوابة ربط بيانات”. هذه قطعة من الأجهزة والبرامج تعمل كمترجم:
1. تستقبل بيانات تتبع الرادار الأولية من مركبة قيادة HQ-9B.
2. تترجم هذه البيانات إلى تنسيق يمكن لمركز توزيع النيران (FDC) التابع لـ NASAMS فهمه (مثلًا، تنسيق رسائل Link 16 من سلسلة J).
3. ثم ترسل هذه البيانات المترجمة إلى مركز توزيع النيران (FDC) التابع لـ NASAMS.
الخطوة الثانية: تدفق البيانات في اتجاه واحد صعودًا، واتجاه واحد نزولًا للحفاظ على الأمن وتجنب المساس بالأنظمة، سيتم إدارة تدفق البيانات بدقة:
• تدفق البيانات صعودًا (من HQ-9B إلى NASAMS): سترسل منظومة HQ-9B فقط مخرجات مستشعرها – مسارات الأهداف المحددة بالموقع والارتفاع والسرعة والاتجاه. لن ترسل بياناتها التشغيلية الداخلية الحساسة، مثل ترددات رادارها المحددة أو أشكال الموجات أو أسرار توجيه الصواريخ، إذ أن هذا يحجتاج اختراق المنظومة الصينية.
• تدفق البيانات نزولًا (من NASAMS إلى HQ-9B): سيرسل مركز توزيع النيران (FDC) التابع لـ NASAMS أوامر محددة ومصرح بها، مثل “اشتبك مع الهدف أ”، أو “أوقف إطلاق النار”، أو “قدم بيانات تتبع محدثة عن الهدف ب”.

اتفاقية سيسموا وتبعية الجيش المصري للولايات المتحدة
تقع هذه الصفقة ضمن أحكام اتفاقية أمن وتوافق الاتصالات (CISMOA)، كونها شرط أساسي غير قابل للتفاوض لنقل التكنولوجيا الحساسة المدمجة في منظومة NASAMS، والتي تلزم الدولة المتلقية (مصر) بمجموعة صارمة من البروتوكولات الأمنية لحماية تكنولوجيا الاتصالات الأمريكية الحساسة وضمان التشغيل البيني تتعلق بالأمن والتحكم في الوصول للأنظمة.
وبموجب هذه الاتفاقية، تلتزم مصر قانونيًا بمنع أفراد من دول طرف ثالث غير مصرح بها (وهذا يعني بشكل حاسم روسيا والصين) من الوصول إلى التكنولوجيا أو فحصها أو محاولة إجراء هندسة عكسية لها. كما لا يمكن استخدام التكنولوجيا إلا للغرض المخصص لها، وتكون مصر مسؤولة عن أمنها ومساءلتها.
في المقابل، تحتفظ حكومة الولايات المتحدة بالحق في إجراء عمليات تفتيش دورية، تُعرف باسم مراقبة الاستخدام النهائي (EUM)، للتحقق من امتثال مصر لجميع البروتوكولات الأمنية.
بجانب ذلك، تستخدم المنظومة تشفير IFF – نظام تحديد الصديق والعدو المتقدم – من طراز Mode 5 لتحديد الطائرات الصديقة بشكل آمن ومنع النيران الصديقة. يتطلب نقل هذا اتفاقية أمنية. كما تستخدم أجهزة الراديو ومعالجات البيانات داخل النظام تشفيرًا لحماية اتصالاتها من التنصت والتشويش.
لذا، تعد صفقة NASAMS المصرية مناورة تستخدم التبعية التكنولوجية وهندسة التحالفات كسلاح مباشر. إنها تستغل المخاوف الأمنية لمصر لمواجهة نفوذ الصين المتزايد في الشرق الأوسط بشكل كبير، مما يلحق أضرارًا كبيرة بطموحات بكين الاستراتيجية والتجارية والاستخباراتية.
لو أصبحت منظومة HQ-9B العقدة المركزية للدفاع الجوي المصري، لكانت الصين قد اكتسبت موطئ قدم استخباراتي لا يقدر بثمن. إذ كانت حصلت على رؤية عميقة للأنماط التشغيلية، وبيئة الحرب الإلكترونية، والإجراءات التكتيكية لجيش كبير مدرب أمريكيًا، أي الجيش المصري.