تعاون عسكري متزايد: إيدج الإماراتية بين استحواذات إسرائيلية وتعاونات استراتيجية مع مصر

في الأيام القليلة السابقة انتشرت أخبار عن عملية استحواذ لشركة أمنية إسرائيلية من قبل مجموعة تقنية إماراتية تدعى EDGE، والتي تبين عن طريق البحث أنها من أبرز الأسماء التي شاركت في معرض الدفاع الدولي الذي أقامته مصر عام 2024، كما اتضح أن أسمها ارتبط انتهاكات دولية متعلقة بحقوق الإنسان.

وشركة إيدج هي مجموعة دفاعية مملوكة لدولة الإمارات مع أكثر من 25 كيانًا مكرسًا لتطوير وإنتاج حلول دفاعية متطورة. وقد قامت المجموعة بدمج عدد من شركات الدفاع الوطنية وإقامة مشاريع مشتركة مع شركات دولية بسياسة معلنة مفادها تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على المنتجات الغربية والتنافس معها بشكل أفضل.

شراكات استراتيجية بين إيدج ومصر

الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات أعلن زيارة وفد ممثل للشركة الإماراتية واجتماعه مع وزير الإنتاج الحربي في 29 فبراير 2024، تم خلال اللقاء مناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في مجالات التصنيع العسكري والتكنولوجي والبحث عن فرص لتبادل الخبرات وتوطين التكنولوجيا.

حينها أعلن الوزير بشكل صريح أن الوزارة حريصة لعمل شراكة استراتيجية للاستفادة من شركة EDGE الإماراتية والشركات التابعة لها وهم LAHAB و NIMR مشيرًا إلى أهمية الاستفادة من التصنيع الإماراتية والإمكانات التكنولوجية والخبرات البشرية الموجودة بتلك الشركات.

عن طريق البحث، تبين أن شركة نمر “NIMR” هي شركة رائدة في تصنيع المركبات المدرعة في الإمارات، وتتمتع بخبرة تزيد عن 20 عامًا في الصناعة. أما عن شركة لهب “LAHAB” فهي مختصة في تصنيع الذخائر بخبرة تتخطى 25 عامًا. يأتي هذا اللقاء في إطار تعزيز العلاقات بين مصر والإمارات، خاصة في المجالات الدفاعية والتكنولوجية والصناعات العسكرية، وهو ما ناقشه السيسي وبن زايد من قبل في زيارته لمصر في أبريل 2023 حيث ناقشا التعاون العسكري المتبادل حيث جاء هذا التعاون بين مصر وإيدج كنتيجة لهذا.

تاريخ التعاون

لم تكن تلك بداية التعاون بين إيدج ومصر فقد شاركت الشركة من قبل في معرض الدفاع الدولي (Edex 2023) المقام في مصر في ديسمبر 2023. عرضت شركة EDGE عديد من منتجاتها مثل بنادق القنص والمدافع الرشاشة وفي الأسلحة البحرية قدمت الشركة السفن البحرية الحديثة، وفي مجال الأنظمة المستقلة قدمت منتجات ضمن إطار الأسلحة الذكية، كما عرضوا حلول الحرب الإلكترونية المتقدمة، مثل نظام مكافحة الطائرات بدون طيار وحل اعتراض الهواتف الخلوية.

بالرجوع والبحث مجددًا عن تاريخ مشاركة الشركة في فعاليات مصرية، لاحظت ‘تقصي’ أن مشاركتها في 2023 كانت المرة الثانية حيث شاركت من قبل في (Edex 2021) وعرضت فيه مجموعة واسعة من حلول صناعة الدفاع والمنتجات والخدمات التي تقدمها 10 من كياناتها وهم AL TARIQ، CARACAL، ADASI، NIMR، ADSB، JASOOR، SIGN4L، BEACON RED، و AMMROC.

من ضمن ما عرضته؛ جاءت الطائرات بدون طيار، والصواريخ الموجهة بدقة، وأنظمة الذخيرة الموجهة، المركبات العسكرية وحلول للحروب الإلكترونية والأمن الاستخباراتي ضمن باقة واسعة من منتجاتها، وخلال هذا المعرض قامت الإمارات بإنشاء صندوقًا استثماريًا بقيمة 14 مليار دولار لدعم أنشطتها في صناعة الدفاع في مصر، من خلال قطاعات الدفاع المختلفة، حسب تكتيكال ريبورت.

بمزيد من البحث، عثرت ‘تقصي’ على تقرير يتحدث عن دور وحجم إيدج في تطور الصناعة الدفاعية للإمارات، ذُكرت فيه مصر كواحدة من أهم عملاء الإمارات من حيث حجم المبيعات في تصديرها لصناعة الدفاع، وحسب IISS فإن صادرات الأسلحة الإماراتية انتعشت وتسارعت خلال العقد الفائت خصوصًا آخر خمس سنوات، وأن أهم عملاء الدولة من حيث حجم المبيعات هم مصر والأردن وليبيا، علمًا بأن تقرير IISS نشر في 2019، مما يعطي مؤشر بحجم التعاون مع مصر ومدى قِدَمه.

وفي مقال آخر لـبريكنج ديفينس نشر في 2022 كشف بحث إيدج عن شركاء إقليميين وحدوث مفاوضات مع الأردن ومصر لإنتاج الدفاع التكميلي أنهم يسعون للعمل مع هذه البلدان لبناء قدرات لقطاعات الدفاع الخاصة بهم.

النجاح على أنقاض انتهاكات حقوق الإنسان

بناء على تحقيقات لـ Facing Finance وهي منظمة غير ربحية توثق وتتخذ موقفًا ضد انتهاكات الشركات في مجالات البيئة والمناخ والعمل وحقوق الإنسان والفساد وأي استخدام للأسلحة ضد القانون الإنساني الدولي، كانت الإمارات أحد الدول المدرجة في قوائمهم.

عند البحث في قواعد البيانات الخاصة بهم عن شركة إيدج، ظهر العديد من البيانات التي توثق عمل الإمارات ضد حقوق الإنسان التي حدثت في نزاعات عدة في دول متعددة مثل اليمن وليبيا. بتعميق البحث في قواعد البيانات حول علاقة مصر بهذا الأمر، تبين أن مصر أُدرجت في قوائم Facing Finance أيضًا كدولة مستلمة أسلحة، صواريخ بالتحديد، من شركة إيدج مصدرَة من قبل الإمارات، ليس هذا وفقط، بل والاشتراك أيضًا في انتهاك حقوق الإنسان والتعدي على المدنيين في ليبيا، كما وثقت البيانات أنه تم طلب صفقة تلك الأسلحة في 2020 وتم استلامها في 2021.

بعد خمس سنوات من إنشائها، احتفلت مجموعة إيدج الدفاعية الإماراتية في ديسمبر 2024 بنموها مع تراكم للطلبات تبلغ قيمتها 12.8 مليار دولار. منذ إنشائها في عام 2019، وسعت Edge محفظة منتجاتها من 30 منتج لتصل إلى 201 منتج، لتصبح واحدة من الموردين العسكريين الرئيسيين في العالم، وذكرت إيدج في بيانات على موقعها أن إيراداتها السنوية بلغت 4.9 مليار دولار في عام 2024، ولديها الآن منتجات في 91 دولة.

دخلت Edge في 23 مشروعًا مشتركًا مع دول أخرى لتوسيع إنتاجها وتطويرها، وقامت الشركة بـ 13 عملية استحواذ دولية، فقامت بتوسيع وجودها في الأسواق الناشئة في أمريكا اللاتينية حيث أطلقت أول مكتب دولي لها في البرازيل في عام 2023.

بعد تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وقعت إيدج اتفاقًا مع شركة Aerospace Industries الإسرائيلية (IAI) لتطوير الأنظمة الجوية غير المأهولة، ثم استثمرت في الشركة الإسرائيلية High Lander، مزود نظام إدارة حركة المرور الجوية بدون طيار، في عام 2023 أثناء الحرب على غزة.

وفي نهاية يناير 2025 أعلنت الشركة أنها استحوذت على 30% من أسهم شركة “عين شليشيت” الإسرائيلية، التي انتشرت الأخبار عنها مؤخرًا، مقابل 10 مليون دولار، وهذه الشركة هي شركة أمنية إسرائيلية متخصصة في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي للأمن والدفاع، التي تأسست عام 2010 وتعمل على تقديم حلول متقدمة في مجالات المراقبة والحماية. يعكس هذا الاستحواذ التعاون المتزايد بين الإمارات وإسرائيل في مجال التكنولوجيا العسكرية والأمن.