مصر في علاقة استراتيجية مع شركة أسلحة بريطانية طُبقت عليها عقوبات بسبب تصنيعها أسلحة إسرائيلية مستخدمة في حرب الإبادة في غزة

في وثيقة بعنوان “بيان تكميلي وفقًا لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب” الصادر عن وزارة العدل الأمريكية يظهر تعاون وزارة الخارجية المصرية والسفارة المصرية مع شركة “Holly Strategies Incorporated”. هولي استراتيجيز إنكوربوريتد هي شركة استشارات ولوبي، أي شركة ضغط، متخصصة في تطوير وتنفيذ استراتيجيات العلاقات الحكومية والعامة.

تقدم الشركة خدماتها بشكل أساسي للعملاء في قطاعات مثل الأمن القومي، والاستخبارات، وتكنولوجيا الدفاع. تأسست الشركة على يد جوش هولي، وهو يتمتع بخلفية في قطاعي الحكومة والدفاع، حيث عمل سابقًا كمدير اتصالات للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب. وبسبب الخبرة الواسعة في شؤون الحكومة تستفيد الشركة من ذلك لمساعدة العملاء في تعزيز مصالحهم على مختلف المستويات مع الحكومة. بالإضافة إلى خدمات اللوبي، تركز هولي استراتيجيز أيضًا على الاتصالات الاستراتيجية، حيث تساعد العملاء على التواصل مع جماهيرهم المستهدفة.

الخارجية المصرية واللوبي الأمريكي: العمل المشترك

الوثيقة تشير إلى وزارة الخارجية لجمهورية مصر العربية ولكنها لا تذكر أسماء محددة لأفراد من الوزارة. ومع ذلك، تكررت الإشارة إلى وزارة الخارجية في سياق الأنشطة التي قامت بها هولي استراتيجيز، مما يدل على أن الشركة كانت تتفاعل مع ممثلين من الوزارة بشكل عام دون تحديد أسماء معينة. كما تكشف الوثيقة أن الشركة تعاونت مع وزارة الخارجية العراقية المدعومة من إيران.

وبالحديث عن الأشخاص المتضمنين في الوثيقة الذين تم التعاون معهم، يظهر اسم Jonathan Lord. جوناثان لورد هو خبير أمريكي في الأمن القومي، ويشغل حاليًا منصب مدير برنامج الأمن في الشرق الأوسط في مركز الأمن الأمريكي الجديد (CNAS). انضم لورد إلى CNAS في يوليو 2022 بعد مسيرة مهنية طويلة في عدة أدوار تتعلق بالسياسة الدفاعية والخارجية الأمريكية. قبل منصبه الحالي، كان عضوا في لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب، وشغل أيضًا مناصب داخل وزارة الدفاع، بما في ذلك كونه مسئولًا عن العراق في مكتب وكيل وزير الدفاع للسياسة، حيث كان مشاركًا في تشكيل السياسة الأمريكية في العراق.

بتعميق البحث وجدت ‘تقصي’ أن هولي استراتيجيز مهتمة بمجال التسليح، ومنه اكتشفنا علاقة الشركة بشركة BAE Systems. تعتبر شركة بي إيه إي سيستمز أحد عملاء شركة الضغط هولي، التي دفعت مبلغ 120,000 دولار مقابل خدماتها في 2024. تعمل الشركة البريطانية بي إيه إي سيستمز في قطاع الدفاع وغالبًا ما تتعاون مع جماعات الضغط للتأثير على السياسة الأمريكية وتأمين العقود مع حكومة الولايات المتحدة. إن العلاقة مع هولي استراتيجيز هي جزء من استراتيجية أوسع نطاقًا للشركة للحفاظ على حضورها ودعوتها داخل الدوائر الحكومية.

مصر وبي إيه إي سيستمز: علاقة استراتيجية

بالبحث عن علاقة شركة بي إيه إي سيستمز بمصر وجدنا أنها تتمتع بعلاقة مهمة ومتعددة الأوجه مع مصر، وتتركز في المقام الأول حول التعاون الدفاعي والعسكري. وتشمل هذه العلاقة جوانب مختلفة، بما في ذلك مبيعات الأسلحة، والمشاركة في المعارض الدفاعية، والعقود التجارية. شاركت بي إيه إي سيستمز بنشاط في توريد المعدات العسكرية إلى مصر، حيث تشير التقارير إلى الموافقة على 54 ترخيصًا لتصدير السلع العسكرية بين عامي 2008 و 2021. والجدير بالذكر أن الشركة حصلت على عقد بقيمة 58 مليون دولار لتسليم مدافع الهاوتزر إلى مصر، مما عزز دورها كمورد رئيسي للمعدات العسكرية.

تُعرف شركة بي إيه إي سيستمز بأنها متهمة بإمداد السلاح لدعم انقلابات حول العالم تصل إلى 17 دولة، البعض اشترى وتعامل مع الشركة والبعض الأخر متورط بشكل كامل في استخدام أسلحة العملاق البريطاني. على الرغم من حظر الأسلحة الذي فرضه الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة على مصر في أعقاب الانقلاب في 2013، سجلت الحملة ضد تجارة الأسلحة (CAAT) العديد من تراخيص الأسلحة والصادرات إلى مصر التي تقدمت بطلب للحصول عليها بين عامي 2013 و 2020 بقيمة لا تقل عن 9.84 مليار جنيه إسترليني (12.4 مليار دولار أمريكي).

بعبارة أخرى، ثبت أن حظر توريد الأسلحة غير فعال إلى حد كبير، بسبب طبيعته اللحظية وطول عمر الأسلحة مقارنة بفترة الحظر نفسه. وقامت شركة بي إيه إي سيستمز بتصدير المعدات والتكنولوجيا العسكرية إلى مصر في مناسبات متعددة. منذ عام 2014، تلقت مصر صواريخ جو-جو وصواريخ أرض-جو وصواريخ مضادة للسفن.

في سبتمبر 2024، عرضت شركة بي إيه إي سيستمز تقنياتها الدفاعية في معرض مصر الدولي للطيران. وكانت المشاركة تهدف لتسليط الضوء على الحلول المتقدمة في مجالات مثل الدفاع الجوي والأمن السيبراني. كما تظهر هذه المشاركة التزام شركة بي إيه إي سيستمز بتلبية الاحتياجات الدفاعية المتطورة لمصر وتعزيز التعاون.

علاقة بي إيه إي سيستمز بإسرائيل

في الوقت الذي عملت فيه مصر على استضافة الشركة في معرضها الأخير في سبتمبر 2024، وبينما الحرب لا زالت مشتعلة على قطاع غزة، وعبر البحث عن روابط الشركة الأخرى؛ وجدت ‘تقصي’ أن شركة بي إيه إي سيستمز ترتبط بعلاقات وثيقة مع إسرائيل من خلال مبيعات الأسلحة والتعاون العسكري. وقد أثارت هذه العلاقة التدقيق بسبب جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة. تزود الشركة جيش الاحتلال الإسرائيلي بمجموعة متنوعة من أنظمة الأسلحة، بما في ذلك التقنيات الحاسمة لأسطول القوات الجوية الإسرائيلية من طائرات إف-15 وإف-16 و إف-35 المقاتلة. تتعاون الشركة مع شركة لوكهيد مارتن لتصنيع أجزاء لطائرة إف-35، التي تستخدمها إسرائيل بنشاط في حروبها على قطاع غزة منذ عام 2016. كما توفر بي إيه إي سيستمز مجموعات إطلاق الصواريخ الإلكترونية وتقنية العرض الأمامي الأساسية للاستهداف في طائرات إف-16.

بجانب ذلك، تدير الشركة منشأة في إسرائيل تسمى روكار، وهي متخصصة في أنظمة توزيع الصواريخ المضيئة للطائرات المقاتلة. وقد لوحظ أن هذه المنشأة هي المورد الوحيد لهذه الأنظمة للقوات الجوية الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، طورت بي إيه إي سيستمز “الرصاصة الفضية”، وهو نظام توجيه دقيق للمدفعية، بالتعاون الوثيق مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.

تشير التقارير إلى أن الأسلحة التي قدمتها الشركة قد اُستخدمت في العمليات العسكرية التي أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين خلال الصراعات في غزة. وقد وثقت منظمات حقوق الإنسان حالات ساهمت فيها هذه الأسلحة في انتهاكات القانون الإنساني الدولي. وقد تم التدقيق في إرشادات تصدير الأسلحة في المملكة المتحدة بسبب مبيعات بي إيه إي سيستمز إلى إسرائيل، وخاصة في أعقاب ارتكاب جرائم حرب خلال الهجمات العسكرية ضد المدنيين الفلسطينيين.

لذا، أثار تورط الشركة احتجاجات ودعوات للمساءلة من قبل مجموعات ناشطة مختلفة، واتهم المتظاهرون بي إيه إي سيستمز بالتواطؤ في جرائم حرب مزعومة من خلال توريد الأسلحة التي تُستخدم ضد المدنيين. وتشير التقارير إلى أن الرأي العام في المملكة المتحدة يعارض بشكل متزايد مبيعات الأسلحة لإسرائيل وسط العنف المستمر في غزة.