في دراسة صادرة من المستشرق والمؤرخ اليوناني محمد شمس الدين ميجالوماتيس المنشورة في figshare بعنوان “تحالف عسكري خاص مع الصين هو الفرصة الوحيدة لمصر للبقاء” توضح الدراسة ضرورة قيام مصر بتشكيل تحالف عسكري خاص مع الصين لضمان بقائها وأمنها.
في بداية الدراسة تشرح الوضع الحالي للهيمنة الأمريكية على المنطقة بعد حرب غزة، فإرسال قوة بحرية أخرى بقيادة الولايات المتحدة في مناطق البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، له – من الناحية الجيوستراتيجية -مظهر قطع آسيا عن إفريقيا، وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا للمصالح المشتركة للصين والهند وروسيا. وتكمل الوثيقة أن أمن النقل البحري أكثر أهمية للمصالح الصينية منه للاهتمامات الأمريكية.
اقتراح لتكوين تحالف مصري صيني للسيادة الصينية على المنطقة
لإظهار كيف ستكون طبيعة التحالف بين مصر والصين، وصف شمس الدين أن “مصر سوف تتحول تدريجيًا إلى صين أفريقية صغيرة”. ويرى الباحث أنه بالنسبة للصين، يجب أن تعمل مصر كبوابة بكين إلى إفريقيا، فيما سيعمل المتخصصين الصينيين في مصر لتحويل مصر بكفاءة وشمولية وسرعة إلى دولة حديثة وفقًا للنموذج الصيني. ويرى أن هؤلاء المتخصصين يجب أن يعملوا كحكومة ثانية لمصر، ليس من حيث اتخاذ القرار، بل من حيث التفكير خارج الصندوق.
ويقترح الكاتب في هذا الإطار لإتمام هذا التحالف الاستراتيجي، أنه يتعين على مصر أن تحوي قاعدتان عسكريتان صينيتان ومليون عسكري صيني على الأراضي الأفريقية. بخصوص القواعد العسكرية، يرى أن أحدهما يجب أن يكون في الحدود الشمالية الغربية للبلاد، بالقرب من ساحل البحر المتوسط بين مرسى مطروح والسلوم، والآخر في أقصى جنوب شرق مصر، في محافظة البحر الأحمر، بين رأس بناس وشلاتين، خارج مثلث حلايب، ويقول أنه يجب أن تغطي كل قاعدة عسكرية مساحة تبلغ حوالي 5000 كيلومتر مربع لتؤدي الغرض منها.
وفقًًا لشمس الدين، المنشآت العسكرية المقترحة تتكون من أربعة قطاعات رئيسية:
1- القاعدة العسكرية الصينية: تشمل مطارًا وميناء عسكري، وتضم وحدات صينية متنوعة ومرافق تدريب والهدف منها تدريب الجيش الصيني في أفريقيا وتسهيل العمليات في أنحاء القارة.
2- مركز التدريب المشترك: يستضيف وحدات صينية ومصرية، ويهدف لتدريب الجيش المصري على الأساليب الصينية، كما يشمل خطة لاستبدال المعدات المصرية بنظيراتها الصينية.
3- المؤسسات التعليمية العسكرية: تضم فروعًا لجامعات الدفاع الصينية وتهدف لتدريب ضباط للجيش المصري الجديد.
4- المنطقة الصناعية العسكرية: تستضيف شركات التصنيع الدفاعي الصينية، وتهدف لتلبية الاحتياجات المحلية والإقليمية من المعدات العسكرية.
ووفقًا للبحث، فإن التحالف العسكري بين الدولتين يجب أن تكون نتيجته استيعاب مليون عسكري صيني ومثلهم من المصريين، كما يجب أن يشمل عمليات عسكرية خارج حدود مصر لتحقيق أهداف جيوسياسية مشتركة.
التخطيط لقواعد الصين في مصر: الدول المحتملة لإنشاء قواعد عسكرية صينية من وجهة النظر الأمريكية
في دراسة لمؤسسة راند RAND بعنوان “طموحات الصين العالمية في إنشاء القواعد العسكرية: التداعيات الدفاعية للولايات المتحدة”، أدرجت مصر ضمن الدول التي قد تسعى الصين لإنشاء قواعد عسكرية فيها، وتبحث الدراسة في الدول المضيفة المحتملة للقواعد الصينية العسكرية، حيث حدد الباحثين إطار عمل في 24 دولة قد تكون مناسبة بشكل خاص لسعي بكين لإقامة قواعد عسكرية خلال العقدين المقبلين.
تُظهر هذه الخريطة الـ 24 دولة المحتمل وجود قواعد عسكرية بها، حيث تظهر مصر في الخريطة بلون رمادي وبها سهم أزرق، وهو ما يعني وجود استثمار صيني واسع النطاق، ويشير السهم لوجود طرق أساسية لاستيراد النفط والغاز عن طريق البحر، وهو ما يظهر بجوار قناة السويس.
في نفس البحث، ذُكر كيف أن الصين تعمل على دراسة وضع القواعد العسكرية للسوفييت في مصر في السابق لتجنب الأخطاء التي وقعوا فيها. وبينت الدراسة أن إقامة القواعد العسكرية الخارجية قد تؤدي إلى تورط الدول المضيفة في صراعات محلية، حيث تقدم هذه الدول حقوق إقامة القواعد عادةً بسبب تهديدات أمنية حادة. هذا التورط قد يحدث نتيجة للمساعدات الأمنية أو الضمانات التي تقدمها القوى الأجنبية، مما قد يشجع الأنظمة المحلية على التصرف بشكل أكثر عدوانية.
في هذا السياق، تقدم دراسات الحالة حول السوفيت أمثلة على هذه الديناميكيات، حيث تدعي الدراسة أن رغبة موسكو في الحصول على قواعد في مصر ساهمت في حرب الاستنزاف وأكتوبر مع إسرائيل، على الرغم من أن السوفيت كانوا يفضلون تجنب الحرب، إلا أن رغبتهم في الاحتفاظ بالقواعد دفعتهم إلى تزويد مصر بمعلومات استخباراتية مبالغ فيها حول التهديد الإسرائيلي، مما أدى إلى الحرب.
علاوة على ذلك، تذكر الدراسة أن القواعد العسكرية للسوفيت في مصر كانت مبنية لحصول النظام المصري على الأمن والاستقرار، إلى أن تغير الأوضاع الأمنية أدى لتراجع مصر عن هذا الأمر، إذ أدركت مصر أن المساعدات السوفيتية لم تحسن نتائجهم في الحروب مع إسرائيل، مما أدى في النهاية إلى إنهاء الوصول السوفييتي لمصر.
في بحث أجرته ‘تقصي’ حول هذا الأمر، تشير الأبحاث إلى أن تزايد وجود الجيش الصيني في الخارج ليس مجرد احتمال، بل هو مسألة وقت، إذ تدفع المصالح المتزايدة للصين في الخارج لاستكشاف مواقع جديدة. مع ذلك، لا يزال هناك غموض بشأن كيفية تصرف الصين في المستقبل. فعلى الرغم من أن طموحاتها في تطوير قدرات عرض القوة تشبه مسار الاتحاد السوفيتي، إلا أن القوة الاقتصادية للصين تفوق ما كان عليه السوفيت، مما قد يمكنها من تجنب بعض الأخطاء السابقة مثل الاعتماد المفرط على المساعدات العسكرية للدول المتحالفة.
ووفقًا للأبحاث التي رصدناها، قد يختلف استخدام الصين لنفوذها الاقتصادي ليس عن طرق الاتحاد السوفيتي فقط بل الولايات المتحدة أيضًا، فيما لا تزال الصورة ضبابية بشأن ما إذا كان استخدام الصين لمكانتها الاقتصادية سيختلف جوهريًا عن جهودها السابقة في العقد السابق أم لا.
الموانئ الصينية المدنية في مصر التي تلعب دورًا عسكريًا
في تقرير بعنوان “الوجود البحري الصيني المتنامي في موانئ مصر وقناة السويس”، يعرض التقرير حجم التعاون الاقتصادي بين مصر والصين، وفي جزء من الدراسة يوضح كيف تلعب المنشآت المدنية الصينية أدوارًا عسكرية، لا سيما في مصر.
ففي 16 أغسطس 2019، رست المدمرة الصينية “شيان” في ميناء الإسكندرية الرئيسي عندما أُعلن أن التوقف كان بسبب عطل فني سيتم العمل عليه لمدة أربعة أيام. إلا أن غير المعلن في ذلك التصريح أن السفينة الحربية الصينية كانت قد رست في محطة تديرها الصين داخل مصر، إذ أنها مملوكة لشركتين صينيتين هما “موانئ هاتشيسون” و”مجموعة ميناء شنتشن يانتاي” المملوكة للدولة.
هذا الحادث جعل النظر إليه لا يمكن أن ينفصل ويكون بمعزل عن غيره، حيث اُستخدمت السفن الحربية التابعة لبحرية الجيش الصيني على مر السنين موانئ متعددة في الخارج تديرها شركات صينية للإصلاح والصيانة تحت ستار “التوقفات الفنية”.
غير ذلك، أعقب توقف السفينة الحربية الصينية مناورة عسكرية مصرية صينية مشتركة أجريت بعد خمسة أيام، وشاركت وحدات بحرية مختلفة من كلا البلدين، بما في ذلك المدمرة الصينية شيان، في تدريبات لدعم “الأمن البحري” وضمان “خطوط النقل البحري” العالمية. يثير هذان الحدثان الهامان تساؤلات حول التفاعل بين عمليات الموانئ التجارية الصينية وطموحات بحرية الجيش الصيني في شرق البحر الأبيض المتوسط.
يعكس النمو المتشابك للموانئ التجارية الصينية في الخارج وتحديث بحرية الجيش الصيني طموحات بكين في توسيع نفوذها العالمي كما تم تحديده في استراتيجيتها البحرية لعام 2015، والتي تتضمن الدفاع عن “البحار القريبة” و”البحار البعيدة”، حيث تشير الأولى إلى المياه المحيطة بالصين، بينما تشمل الثانية جميع الطرق البحرية العالمية، مما يتيح للصين ممارسة نفوذ عالمي دون الإعلان عن منشآتها كقواعد عسكرية.
وفقًا لأبحاث، تقوم الشركات الصينية بتطوير موانئ تجارية عالمية لاستيعاب سفن الحاويات الكبيرة، مما يمنح هذه المرافق إمكانيات مزدوجة، بما في ذلك الاستخدامات العسكرية، وهذا يتماشى مع قانون النقل الدفاعي الوطني الصيني لعام 2017 الذي يهدف إلى دمج الموارد المدنية لدعم المهام العسكرية.
على الجانب الآخر، أثار التداخل بين الأغراض المدنية والعسكرية الصينية مخاوف الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات بشأن إمكانية استخدام هذه المنشآت لأغراض استخباراتية وعسكرية.
أما في السياق المصري، يعكس الوجود الصيني المتزايد في موانئ مصر وقناة السويس فرصًا وتعقيدات. فبينما تعد الصين بمزيد من النمو الاقتصادي، تواجه مصر تحديات مثل ضعف موقفها التفاوضي مع الصين ومخاطر تؤثر على الهيمنة والسيادة المصرية.
المصادر:
https://figshare.com/articles/journal_contribution/_b_A_Special_Military_Alliance_with_China_is_Egypt_s_Only_Chance_for_Survival_III_b_/25006535?file=44069339
https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/research_reports/RRA1400/RRA1496-1/RAND_RRA1496-1.pdf
https://www.mei.edu/publications/chinas-growing-maritime-presence-egypts-ports-and-suez-canal